ثلاثة أعوام من الفراغ التشريعى لغياب البرلمان، منذ حله فى الرابع عشر من يوليه عام 2012، بحكم من المحكمة الدستورية العليا، مرت خلالهما عملية التجهيز للانتخابات بعدة مراحل، ما بين التأجيل والتفضيل والطعن وعدم الدستورية، لم ينتج عنها انتخابات حتى اليوم.
بدأت القصة فى الثالث من يوليو عام 2013، عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، وتعطيل العمل بالدستور، وإقرار خارطة الطريق على أن تكون من خلال ثلاث مراحل، أولها وضع دستور جديد بما يضمن تعديل مواد تشكيل مجلس النواب، وتشكيل حكومة وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وفى الثانى من ديسمبر عام 2013، انتهت لجنة الخمسين من إعداد الدستور الجديد، وأعلن طرحه للاستفتاء فى يناير 2014، وعلى عكس ترتيب بنود خارطة الطريق، فى إجراء انتخابات البرلمان قبل الرئاسة، أتاح الدستور إمكانية حدوث العكس، فترك الحرية للمشرع، فى تحديد أولوية كل منهما على الأخر، على أن يكون الفارق الزمنى بين كل استحقاق منهما 6 أشهر.
يناير لم يكد ينتهى، حتى أعلن الرئيس المؤقت عدلى منصور، إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وجاءت لحظة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، لتنهى الفترة الانتقالية التى تولى خلالها منصور الحكم، وتعلن فوز عبد الفتاح السيسى بمنصب رئيس الجمهورية.
وكان من الطبيعى أن تجرى الانتخابات فى شهر ديسمبر من عام 2014، حسب نص الدستور الذى حدد مدة إجراء انتخابات البرلمان عقب الرئاسة بستة أشهر، لكن هذا الأمر لم يحدث.
وفى الربع الأول من عام 2015، كانت مصر على موعد مع استضافة المؤتمر الاقتصادى العالمى "مؤتمر المانحين"، لتثبيت دعائم الاقتصاد المصرى، وكان من مصلحة الحكومة الإعلان عن تنفيذ الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق قبل هذا المؤتمر.
وبالفعل حددت اللجنة العليا للانتخابات فى الثامن من مارس، مواعيد إجراء الانتخابات، على أن تكون على مرحلتين، الأولى يومى 21 و 22 مارس، والثانية يومى 25 و 26 إبريل.
وفى هذه الأثناء، سادت حالة من الجدل والخلاف، حول أسبقية القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، فكان من الطبيعى إصدار قانون ترسيم المحافظات، الذى لم يصدر حتى الآن، قبل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، إلا أن هذا الأمر لم يحدث، وأقرت الحكومة تقسيم الدوائر.
الأحزاب اعترضت على هذا الأمر، وقدمت طعونا على قانونى الانتخابات وتقسيم الدوائر، لكنها أيضا بدأت الاستعداد للانتخابات، من إجرت الكشوف الطبية للمرشحين، والتقدم بأوراقهم إلى اللجنة العليا للانتخابات، إلا أن قرار المحكمة الدستورية، ببطلان قانون تقسيم الدوائر، الصادر فى الأول من مارس، بدد تلك التجهيزات.
ونتيجة لقرار المحكمة أعيدت المواد غير الدستورية إلى لجنة الإصلاح التشريعى لتعديلها، بما يتوافق مع نصوص الدستور، وشهدت تلك الفترة خلافات شديدة بين الأحزاب والحكومة، والتى اتهمتها بتعمد إفساد الانتخابات، وتماديها فى إجراءاتها رغم علمها بعدم دستورية القوانين، وكذلك الطعون المقدمة عليها.
وفى بداية إبريل الجارى، عقدت الحكومة ما يسمى بجلسات الحوار المجتمى، للاستماع إلى مقترحات الأحزاب بشأن تعديل المواد غير الدستورية، والتى هى نفسها المقترحات التى قدمتها الأحزاب للحكومة قبل حكم المحكمة الدستورية العليا، لكنها لم تأخذ بها.
وعقب انتهاء جلسات الحوار المجتمعى، أصدرت لجنة الإصلاح التشريعى تعديلات مبدئية على القانون، تقضى بزيادة عدد المقاعد، دون الأخذ بمقترحات الأحزاب، التى عقدت من أجلها جلسات الحوار، والمتمثلة فى زيادة عدد القوائم إلى 8 بدلا من 4، وإقامة الانتخابات بنظام التقسيم الثلاثى، 40% فردى، وأخرى للقائمة النسبية، و20% للقائمة المطلقة.
وحسب توجيهات الرئيس، عقب حكم الدستورية العليا، وتصريحات لجنة الإصلاح التشريعى عن موعد الانتخابات، فالمرحلة الأولى من الانتخابات ستكون قبل شهر رمضان، إلا أن الرئيس اليوم، الاثنين، استبعد إجراء الانتخابات فى هذا التوقيت.
عدد من الأحزاب ترى أن الدولة غير جادة فى إجراء الانتخابات وأن الحكومة تريد حالة الفوضى التشريعية الحالية حتى لا يأتى رقيب يحكم عملها ويراقب تصرفاتها، وأنه لا توجد إرادة سياسية لدى النظام الحالى.
الحكومة مستمتعة بالفراغ التشريعى
تعليقا على هذا الأمر، قال الدكتور أيمن أبو العلا، البرلمانى السابق وسكرتير عام مساعد حزب المصريين الأحرار، إن الحكومة مستمتعة بحالة الفراغ التشريعى الموجودة حاليا فى ظل غياب مجلس النواب، وأن الواضح العام أنه لا نية فى إجراء الانتخابات، ونتائج جلسات الحوار المجتمعى خير دليل على ذلك، فهى لم تأخذ شىء من مقترحات الأحزاب، وتعمدت إهدار الوقت، حسب قوله.
وأضاف أن الحكومة علمت بعدم دستورية قوانين الانتخابات قبل البدء فى إجراءاتها، وصدور حكم المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر والمادة المتعلقة بمزدوجى الجنسية، إلا أنها أصرت على البدء فيها، الأمر الذى أعادنا إلى نفس نقطة البداية.
غياب الإرادة السياسية
واتفق الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، مع هذا الرأى، حيث أشار إلى أن النظام الحالى لا توجد له إرادة سياسية لإقامة الانتخابات، أو منع رموز نظامى مبارك والإخوان من العودة للمشهد.
وبين أن الحكومة تتعامل مع الأحزاب والقوى السياسية بمبدأ "دعهم يتصارعون ويتنازعون، وفى النهاية سأفعل ما أريد"، وأن هذا الأمر لا يليق بالقوى السياسية، التى شاركت فى الإطاحة بنظامين سابقين.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment