"الشرق الأوسط يتفكك" .. هذا ما خلص إليه الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقال له بصحيفة الإندبندنت جاء تحت عنوان "من يقصف من في الشرق الأوسط" والذي تناول خلاله الصراعات الدائرة في المنطقة التي يتخذ بعضها بعدا طائفيا.

وإلى نص المقال:

السعودية تقصف اليمن لأنها تخشى من أن يعمل الحوثيون الشيعة لصالح إيران، وتقصف أيضا تنظيم داعش في العراق وسوريا وكذلك تفعل الإمارات، أما الحكومتان السورية والعراقية فتقصفان معاقل أعدائهما، أما أمريكا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك وهولندا وأستراليا وكندا فهم يقصفون تنظيم داعش في سوريا والعراق، بتنسيق مع الحكومة العراقية وليس حكومة دمشق.

الأردن والسعودية والبحرين يقصفون أيضا تنظيم داعش في سوريا والعراق لأنهم لا يحبونهم، لكن الأردن تقصف داعش بشكل أكبر من السعودية بعد قيام التنظيم بإعدام طيارها معاذ الكساسبة حرقا حتى الموت داخل قفص حديدي، أما مصر فتقصف أجزاء من ليبيا بعد قطع رؤوس مجموعة من الأقباط المصريين من قبل تنظيم داعش ليبيا في فبراير الماضي.

إيران أيضا تعترف بضرب معاقل داعش في العراق، الأمر الذي ينظر إليه الأمريكيون (وليس الحكومة العراقية) بنظرة تشاؤمية، فيما تقوم إسرائيل بقصف القوات السورية وليس تنظيم داعش وهو خيار مثير وجميعنا يتفق على ذلك.

الأمر المدهش بالنسبة لي هو أن طائرات هؤلاء جميعهم لا تصطدم ببعضها مع استمرار القصف، وعلى الرغم من أن طيران الشرق الأوسط الخطوط الجوية اللبنانية هو الناقل الدولي الوحيد الذي لا يزال يحلق في سماء سوريا، فإن جميع رحلاتي من بيروت إلى الخليج لم تتعرض للهجوم من الطائرات العربية أو الغربية التي تحلق في سماء العراق والشام.

الطبيعة الطائفية والدينية لهذه الحرب تبدو واضحة تماما لكل من يعيشون في الشرق الأوسط، فالسعودية تقصف اليمنيين الشيعة وإيران تقصف السنة في العراق، أما مصر السنية فتقصف تضرب سنة ليبيا، والأردن السنية تقصف السنة في العراق، لكن القوات السورية المدعومة من الشيعة تقصف أعداءها السنة وحزب الله اللبناني يقاتل الأعداء السنة للرئيس السوري بشار الأسد، إلى جانب الحرس الثوري الإيراني والأفغان الشيعة.

وعلى مدار الأيام الثلاث الماضية، طالب تنظيم حزب الله بعضا من أعضاءه بالعودة لسوريا في غضون أسبوعين للمشاركة في معركة كبيرة في تلال القلمون عبر الحدود الشمالية الشرقية من لبنان، خشية أن يحاول تنظيم داعش دخول لبنان وقطع خط إمداد حزب الله من الهرمل لبعلبك وجنوب لبنان.

ويمكننا استشعار النزعة الطائفية في الطلب الأخير للمملكة العربية السعودية بإرسال قوات باكستانية لحماية أراضيها (وربما للمساعدة في غزو اليمن)، والذي تقدم به ولي العهد الجديد محمد بن نايف ووزير الدفاع محمد بن سلمان، لكن السعوديين تقدموا بطلب آخر لباكستان لإرسال جنود مسلمين سنة فقط، لكن الضباط الشيعة بالجيش الباكستاني "يمثلون 30% من القوات المسلحة" لم يرحبوا بذلك الأمر.

الكاتب بصحيفة "ذا نيشن" خالد محمد رد على ذلك الطلب (الطائفي) بالقول: "إن جيش وشعب باكستان متحدون للمرة الأولى منذ أعوام من أجل التخلص من آفة الإرهاب على أراضي البلاد، لكن السعوديين يحاولون تقسيم الشعب والجيش أيضا، فعندما يرتدي ضابط زي الجيش فهو يقاتل من أجل بلده وليس من أجل معتقدات دينية".

ويتابع "هل يعتقد السعوديون أن جيشا محترفا يمكنه القتال من أجل مثل تلك القضية؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا يطلبون من باكستان إرسال قواتها المسلحة؟ وتجدر الإشارة إلى مقتل جنود باكستانيين على يد الجيش العراقي في المعركة على مدينة الخفجي السعودية الساحلية في عام 1991 .. فهل كان جميعهم من السنة؟

هناك فائز من كل هذه الدماء وهم صانعو الأسلحة، فعلى سبيل المثال زودت شركتا رايثيون ولوكهيد مارتن السعودية خلال العام الماضي فقط السعودية بصواريخ بقيمة 1.3 مليار دولار، فضلا عن إعلان قطر الأسبوع الماضي عن شراءها 24 مقاتلة فرنسية من طراز "رافال" بقيمة 5.7 مليار دولار، وهو ما سبقته إليها مصر.

الجدير بالذكر أن خدمات البحوث بالكونجرس تقدر أن غالبية ميزانية تنظيم داعش تأتي من مانحين أفراد في السعودية وقطر والإمارات والكويت، لكن الشيء المحير بالنسبة لي هو أن الأمريكيين يتفاخرون بعد أكثر من عقد باكتمال مهمتهم في العراق.

ويتضح ذلك في قول الجنرال بول فنك المسؤول عن إعادة تشكيل الجيش العراقي: "إن العدو يركع على ركبتيه" فيما قال جنرال آخر مقرب من الرئيس باراك أوباما إن نصف قادة داعش تمت تصفيتهم.

لكن رئيس الأركان الفرنسي الجنرال بيير دي فيلر قال في زيارته الأخيرة للعراق وكردستان إن "العراق دولة تتحلل" وكلمة "تتحلل" يمكن تطبيقها على غالبية دول الشرق الأوسط حاليا.

مصر العربية 

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -