أبشع أحداث 2012 على الإطلاق كان قتل الشهيد الصحفى الحسينى أبوضيف فى أحداث قصر الاتحادية، غير أن الأبشع أننا جميعا ساهمنا فى إهدار دمه حين انشغلنا فى مهرجان مصطنع للبكاء على الشهيد الحى المستشار مصطفى خاطر المحامى العام لنيابات شرق القاهرة، الذى جرى طرحه فى سوق الإعلام باعتباره فارس معركة التصدى للنائب العام ورئيس الجمهورية.
لقد تم التعامل مع مذكرة خاطر المقدمة لمجلس القضاء الأعلى باعتبارها وثيقة اتهام للنائب العام الجديد بإفساد العدالة واستخدام النفوذ لإرضاء رئيس الجمهورية، وتبارت الصحف السيارة والبيارة والفضائيات التى صارت ثورية فجأة فى الطنطنة والنواح على العدالة المقتولة والقضاء الشهيد، دون أن يتوقف أحد لقراءة محتوى المذكرة بهدوء.
ووفقا نص مذكرة خاطر، وهو بالمناسبة الذى تولى تحقيقات النيابة فى قضية قتل الثوار المتهم فيها مبارك والعادلى، فإن شيئا مما أشيع عن تهديد النائب العام له وتدخله لحبس أبرياء تزلفا لرئيس الجمهورية لم يرد فيها.. وبنص كلمات المحامى العام لنيابات شرق القاهرة «تلقيت اتصالا هاتفيا من النائب العام يستفسر فيه عن مجريات التحقيق» وفى موضع آخر «أفاد سيادته أنه يتعين اتخاذ قرار حاسم بشأن هؤلاء المتهمين خصوصا المجموعة التى تم ضبطها فى قصر الاتحادية» و«حبسهم احتياطيا إذا توافرت الأدلة على ذلك».
أما هؤلاء المتهمون فقد كانوا بلا محل إقامة معروف، ضبطوا معهم سلاحا غير مرخص، فإما أن يكون لهذا السلاح علاقة بقتل شهداء الموقعة، أو أنه جرى تلفيق تهمة حيازة السلاح لهم بمعرفة أمن الرئاسة، وأنصار الرئيس.. وفى الحالتين ما كان ينبغى إخلاء سبيلهم بهذه السهولة، وبهذا الاستعجال فى واقعة سالت فيها دماء نحو عشرة شهداء من بينهم الشهيد الحسينى أبوضيف، وسقط خلالها مئات الجرحى كان يجب عرض المتهمين عليهم، فربما تعرف عليهم أحد، أو تتجمع خيوط تخدم التحقيقات وتؤدى للوصول إلى الجناة فى هذه المذبحة.
وبالعودة إلى مذكرة المحامى العام لشرق القاهرة فإنه لم ترد فيها كلمة واحدة عن طلب النائب العام حبس المتهمين مجاملة للرئيس، بل إن الاتصال به كان عن طريق رئيس المكتب الفنى للنائب العام المستشار عادل السعيد.
لقد قيل كلام كثير عن تهديد النائب العام للمستشار خاطر ولفريق النيابة، فيما لا تتضمن المذكرة شيئا من ذلك، ووفق ما سرده فيها المحامى العام فإن النائب العام أبلغهم لدى اجتماعه بهم «أنه لا يستطيع أن يجبر أحدا على العمل معه وأن من يرغب عليه تقديم طلب فى هذا الشأن» فأين التهديد والوعيد والضغط والبطش واستخدام النفوذ هنا؟
وإذا كان المحامى العام يقول فى مذكرته إن جميع المتهمين أفادوا بأن من تولى ضبطهم مجموعة تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين وأنهم تعرضوا للضرب والتعذيب، فإن هذا كان يجب أن يكون سببا إضافيا للتحفظ عليهم من أجل الوصول إلى معذبيهم، والتأنى فى التحقيق بالواقعة، وليس تقفيلها والردم عليها بهذا التسرع.
0 التعليقات:
Post a Comment