داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز «ابن خلدون» الحقوقي،
                                      وجمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

الشروق

وسط الأوضاع المتوترة لمنظمات المجتمع المدني في مصر، والصراع القائم بينها وبين الحكومة حول الحقوق والحريات، يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم، وهو: لماذا لا تكون توصيات منظمات المجتمع المدني ملزمة للحكومات، ما دامت قدمت ما يثبت انتهاك حق ما، أو ضرورة وجود تعديل في مادة ما، خاصة أن مصر وقعت على عدد من الاتفاقيات الحقوقية، كان أهمها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

ومما يزيد من قوة طرح هذا التساؤل، مطالبة أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان من قبل، بالحصول على الضبطية القضائية، وبمنحهم الحق في الاضطلاع على كل الملفات ومحاضر التحقيقات الرسمية لتسهيل مهمتهم، وهو ما يجعلهم، في حال امتلاكها، أصحاب تأثير مهم على العملية السياسية.

تقول داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز «ابن خلدون» الحقوقي: إن توصيات المنظمات الحقوقية لا تكون ملزمة للحكومة في كل الدول، ولكن الاختلاف في الثقافة السائدة في كل دولة، والطريقة التي تنظر بها إلى المنظمات، وإيمانها بأنها شريكة حقيقية في صنع القرار من عدمه.

وأضافت «زيادة» أن المنظمات في مصر تواجه «عداء من الحكومة»، والاستهتار بما تصدره من بيانات ومواقف، وعدم أخذه على محمل الجد، وهو ما يساهم في تشويه صورتها، بالرغم من أن مصر وقعت رسميًّا على مواثيق دولية، والتي أصبحت بالتالي تحتل جزءا من قوانينها الداخلية.

وفيما يتعلّق بالدور الذي ينبغي أن تقوم به تلك المنظمات في مصر، قالت «زيادة»: إن لها دورًا هامًّا الآن في توثيق كل ما يقع من أحداث، بالإضافة إلى دورها «التوعوي».

أما جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فأكد أن المنظمات لها قوة «معنوية» وليست «مادية»، مضيفًا أن الحكومات الديمقراطية تسعى إلى تنفيذ ما تصدره المنظمات من توصيات؛ لأنها تؤكد بذلك على مصداقيتها لدى مواطنيها.

وأشار إلى أن النظم في العالم النامي، اعتادت إغلاق المنظمات أو التشهير بها، وتكريس فكرة كونها «متواطئة»، وهو ما يدفع بعض المنظمات إلى التوقف، لكن بعضها يصر على مواصلة عمله.

من جانبه يقول محمد عبد العزيز، محامي ومدير مكتب الحقانية: إن الحكومات «المحترمة» يجب أن تؤمن بدور منظمات المجتمع المدني، دون أن تكون توصياتها ملزمة لها بالضرورة، حيث تحتفظ المنظمات بدورها في كشف الفساد، والتشابك مع القضايا المختلفة، وتطوير القوانين أو المطالبة بتفعيلها أو إلغائها، ثم تقوم الدولة بالتفاعل مع تلك التوصيات عن طريق الجهات التشريعية مثل مجلس الشعب.

وأشار «عبد العزيز» إلى أن «الدولة البوليسية» لا ترحب بفكرة رقابة المنظمات على أداء الحكومة، والتي هي جزء أساسي من مهمتها، آملًا أن يتوسع عمل تلك المنظمات لصالح الناس.

واختلفت معهم الدكتورة نهى شحاتة، الباحثة بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن فكرة إلزام الحكومة بتوصيات المنظمات مطروحة في المستقبل، لكن الحديث عنها غير مناسب الآن لأن مصر تمر بمرحلة انتقالية، وتعاني من كثير من التوترات.

وأضافت الباحثة بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أنه لا بد من الانتظار بعض الوقت قبل طرح الفكرة، حتى تتم عملية التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر.


0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -