أثار إعلان مجلة دابق، الصادِرة عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لاختطاف مسيحيين مصريين في ليبيا، مقابل تسليم كلٍ من وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة هارون- الجدلَ مرة أخرى بشأن أسباب تكرار إخفاق الدولة المصرية في أزمات اختطاف الرهائن.
وفاء وكاميليا كانتا عنوانين لواحدة من أكبر القضايا التي شغلت الرأي العام، حيث نشرت وسائل إعلام نبأ دخولهما في الإسلام ثم عودتهما إلى المسيحية تحت ضغوط الكنيسة، وقامت على إثر هذه الأنباء مظاهرات عدّة نظمها سلفيون وأقباط.
داعش قالت إنها أعدمت 21 من الرهائن، وهي ليست الحالة الأولى التي يحتجز فيها مصريون خارج حدود البلاد، ويتم قتلهم، فحالة إيهاب الشريف، سفير مصر السابق بالعراق ليست ببعيدة.
الشريف اغتاله تنظيم القاعدة، بقيادة أبو مصعب الزرقاوي في هذا الوقت، والذي أعلن في 6 يوليو 2005 قتله للسفير المصري "لأنه كان يعمل سابقًا في إسرائيل، وذلك بعد اختطافه في 3 يوليو 2005، لكن خبراء حللوا الحادث بأنه رد على تمسك الدولة المصرة بفتح سفارتها في بغداد، وإثناء لبقية الدول عن توطيد علاقتها مع حكومة العراق الانتقالية في وذلك الوقت.
حوادث الخطف تكررت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حين قامت مجموعة من قراصنة الصومال باختطاف صيادين مصريين في عام 2009 على المركبين "ممتاز1" و "أحمد سمارة" وطلبوا فدية من الحكومة.
الرهائن وذوهم ظلوا يستنجدون بالدولة دون جدوى، حتى حرروا أنفسهم بأنفسهم، بعد احتجاز دام 4 أشهر، من أبريل 2009 وحتى أغسطس من العام ذاته.
وحتى في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، شهد المصريون واحدة من حوادث الاختطاف التي طالت وزير الثقافة السابق والأديب الراحل يوسف السباعي، وذلك في مطار لارنكا الدولي عام 1978 بقبرص، بعد اختطاف مجموعة من جماعة أبا نضال العراقية المسلحة لطائرة تقل 16 شخصًا بينهم السباعي.
السادات طلب حينها من الرئيس القبرصي تحرير الرهائن وتسليم المجرمين للقاهرة لمحاكمتهم، لكن عملية تحرير الرهائن تأخرت ليأمر الرئيس السادات بإرسال مجموعة من قوات الصاعقة المصرية إلى قبرص، لينتهي الأمر باشتباك القوات المصرية مع القوات القبرصية التي رفضت إعطاء الإذن للمصريين بالقيام بعمليات عسكرية على أرضها، ما أسفر عن مقتل 15 من قوات الصاعقة المصرية.
كل هذه حوادث، وغيرها، واجهت فيها الدولة نيران المعارضة وانتقاداتها، فمرة هي متهمة بالإهمال ومرة بعدم الاهتمام بالحفاظ على حياة المصريين.
خطر متوقع
وفي تفسيره لذلك، يقول السفير السابق معصوم مرزوق، لـ "مصر العربية": إن انتقاد الدولة في حال تقصيرها في أداء واجبها نحو مواطنيها أمر طبيعي، خاصة عندما يتعرض هؤلاء المواطنون للأخطار داخل الوطن أو خارجه، "فالعقد اللي بين المواطنين والدولة يجعل طاعة المواطنين للدولة أو القانون مرتبطة بمقدرة الدولة توفير أهم الاحتياجات والحقوق للمواطنين، وأهم هذه الحقوق هو الحق في الحياة".
لكن مرزوق يستدرك بأن حالة رهائن ليبيا مختلفة، "فالحكومة غير قادرة على السيطرة على الموقف مع وجود جماعات مسلحة تسيطر على مناطق في ليبيا، ولذلك فالمصريون كغيرهم معرضون للأخطار هناك".
فخ مقصود
أما الدكتور مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب سابقا فقال: إن ما حدث في ليبيا مقصود لجرّ الدولة المصرية لعمليات عسكرية في ليبيا، وهو ما يبدو أن الدولة المصرية تعلمه وتأخذ حذرها منه.
ويضيف الفقي: "المشكلة تتمثل في احتياج المصريين إلى السفر لليبيا وغيرها من البلدان التي توفر لهم فرص العمل التي لا يجدونها في بلدهم بسبب انتشار الفقر والبطالة، لكن الأمر يحتاج إلى الحنكة للرد عليه بما يجب".
مؤامرة خارجية
وتؤكد سكينة فؤاد، مستشارة الرئيس السابق محمد مرسي لشئون المرأة وعضو حزب التجمع، أن الدول الأخرى لم تحقق نجاحات أكبر من مصر في حماية رعاياها الرهائن في أي صراعات خارج حدودها.
وتؤكد فؤاد أن هناك مؤامرة كبيرة تجري حول مصر وعلى الدولة المصرية أن تعيها، مضيفة: "يجب أن تحظر الدولة سفر المصريين إلى ليبيا، هناك العديد معرضون للخطر هناك منهم الليبيون أنفسهم، لكن التعرض للمصريين هو جزء من مؤامرة على مصر".
ويشير السيد ياسين، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن الدول بأسرها تعاني مشكلة كبيرة مع داعش ويصعب عليها إنقاذ رعاياها من الرهائن.
ويضيف ياسين: "بمقارنة ما حدث مع المصريين وما حدث مع رهائن الولايات المتحدة، نجد أن أمريكا، وهي أكبر قوة في العالم، لا تستطيع التدخل لحماية رعاياها المخطوفين، فما بالنا بمصر التي تواجه حاليًا العديد من الأزمات؟".
0 التعليقات:
Post a Comment